ومعنى الآية: أنَّ الله نهى رسوله محمدًا ﷺ والخطابُ لجميع الأمة- أن لا يدعو من دون الله الذي خلقه أحدًا لا ينفعه ولا يضره في الدنيا ولا في الآخرة، والمراد بذلك كل معبود سوى الله تعالى فكلهم لا ينفعون ولا يضرون، وفي الحديث:«وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ … »(١).
ثم قال الله: فإن فعلت ذلك يا محمد -وهذا من باب الافتراض وإلا فلن يقع ذلك من النبيّ ﷺ، ولكن لو قدر أنَّه فعله، وهو أكرم الخلق- فيكون حينها مشركًا ظالمًا، والشرك أظلم الظلم، ومثله قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر، الآية (٦٥)].
ومناسبة الآية للباب: أنَّ فيها النهي عن دعاء غير الله، وأنَّ ذلك شركٌ، وفيها أنَّه لا يجلب النفع ويدفع الضر إلَّا الله، فمن طلب ذلك من غيره فقد أشرك؛ لأنَّه دعا غير الله.
(١) أخرجه الترمذي (٢٥١٦)، وأحمد (١/ ٢٩٣)، والحاكم (٣/ ٥٤١ - ٥٤٢)، والبيهقي في شعب الإيمان (١٩٥) من طرقٍ عن ابن عباس، قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٧٩٥٧).