للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ب- أنَّ الله حكم على من دعا غيره بأنَّه أضل الضالين، وأنَّ الدعاء عبادة، وصرفها لغير الله شرك.

ج- كفر الداعي بصرفه الدعاء لغير الله، ولذا قال: ﴿وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ﴾، ومنه قوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ﴾ [مريم، الآيات (٨١ - ٨٢)] (١).

* فإن قيل: لماذا أتى بقوله: ب ﴿وَمَنْ﴾ في قوله: ﴿مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ﴾، ولم يقل: (ما لا يستجيب له) مع أنَّهم يدعون الأصنام وهي جماد، و (من) تكون للعاقل؟

* لأمرين:

١. أنَّهم لّما عبدوها فإنما هم نزَّلوها منزلة العاقل، وإلَّا فغيرُ العاقلِ محالٌ أن يُدعى، وعلى هذا خوطبوا بمقتضى ما يدعون؛ لأنَّه أبلغُ في إقامةِ الحجة عليهم.

٢. أنَّ ما يدعون قد يكونون ملائكة مسخرين، وقد يكونون أنبياء وصالحين، وقد يكونون أصنامًا، فغلّب جانب من يعقل.

وخامس الآيات: قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾ [النمل، الآية (٦٢)]. وهذه الآية راجعة إلى قوله في أوّل الآيات: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [النمل، الآية (٥٩)].

والمضطر: المكروب الذي مسّهُ الضر، والسوء: كل ما يسوء الإنسان.


(١) فائدة: من بلاغة القرآن أن عبّر بقوله: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ﴾ فهي أبلغ من: لا أضل ممن يدعو؛ إذ الاستفهام المنفي أبلغ من النفي المجرد؛ لأنَّ الاستفهام فيه تحدي، أي: أوجدوا أحدًا أضل، أما النفي المجرد فلا يتضمن التحدي. القول المفيد (١/ ٢٧٠).

<<  <   >  >>