للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمعنى: أن كفّار قريش يؤمنون بتوحيد الربوبية، وهم إذا جدَّ الجِدُّ زالَ الشرك ودعوا الواحد الأحد سبحانه، فيبيّن الله لهم ويقول: من هو الذي حينما تصيبكم الشدائد تتوجهون إليه فيجيب دعاءكم، ويكشفُ الضُرَّ عنكم؟ فإذا كان معلومًا لديكم، فلماذا تدعون غيره؟!

ومناسبة الآية للباب: من جهة أنَّ الله هو وحده المدعوُ في الشدائد، مجيبُ المضطر، الكاشفُ للسوء، والمشركون يقرون بهذا، وحينها لا ينبغي أن يدعى أو يستغاث بغيره.

• وبهذا تعلم: أنَّ من اعتقد في غير الله من الأولياء وأصحاب القبور وغيرهم أنَّهم يكشفون السوء، أو يجيبون دعاء المضطر، ودعاهم لذلك، فإنَّه قد أشرك شركًا أكبر من شرك العرب في الجاهلية؛ لأنَّ المشركين الأوائل يعتقدون أنَّ كشف السوء وإجابة المضطر هي من عند الله، أما معبوداتهم فما هي إلا شافعة، فمن اعتقد أنَّ ما يعبده من دون الله هو من يكشف الضرَّ، فقد وقع في أغلظ من شرك الأوائل.

قال الشيخ محمد بن إبراهيم: «فإن كثيرًا من الناس ينتسبون إلى الإسلام، وينطقون بالشهادتين، ويؤدون أركان الإسلام الظاهرة، ولا يكتفى بذلك في الحكم بإسلامهم، ولا تحلّ ذكاتهم؛ لشركهم بالله في العبادة بدعاء الأنبياء والصالحين، والاستغاثة بهم، وغير ذلك من أسباب الردة عن الإسلام» (١).

* وأما الحديث: فهو ما نقله عن الطبراني بإسناده: «أَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ اَلنَّبِيّ مُنَافِقٌ يُؤْذِي اَلْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: قُومُوا بِنَا نَسْتَغِيثُ بِرَسُولِ اَللَّهِ من هذا المنافق، فَقَالَ اَلنَّبِيُّ : إِنَّهُ لَا يُسْتَغَاثُ بِي، وَإِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاَلله ﷿».


(١) عقيدة الموحدين (ص: ٣٩٢).

<<  <   >  >>