للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يستغيثوا بالله.

٢ - أو أنَّه كان قادرًا، ولكنَّ أراد إرشادهم إلى التأدب مع الله في الألفاظ، فيكون هذا المنفي من باب التأدب في اللفظ وسدِّ الذريعة.

لكن يشكل على هذا قوله: ﴿فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ﴾، فكيف يجمع بين الآية والحديث؟

* على الاحتمال الأول: لا إشكال، وعلى الاحتمال الثاني: تحمل الآية على الجواز، والحديثُ على الأدبِ والأولى (١).

وبهذا تعلم أنَّ دعاء الميت والغائب، وكذا الحاضر فيما لا يقدر عليه إلَّا الله، والاستغاثة بغير الله في كشف الضرّ أو تحويله هو الشرك الأكبر؛ لأنَّ الدعاء هو العبادة، ولأنَّ من خصائص الألوهية إفراد الله بسؤال ذلك منه.

ومناسبة الحديث الباب من جهتين:

١. أنَّ فيه إنكار النبيّ الاستغاثة بغير الله؛ لأنَّ الاستغاثة عبادة لا تصرف إلا لله.

٢. أنَّه إذا كان هذا النهي منه فيما يقدر عليه في حياته، فكيف يجوز أن يُستغاث به بعد وفاته، ويطلب منه أمور لا يقدر عليها إلا الله؟! كما جرى على ألسنة كثير من الشعراء، كالبوصيري (٢) والبرعي من الاستغاثة بمن لا


(١) انظر: تيسير العزيز الحميد (١٩٣).
(٢) كقوله في البردة:
يا أكرم الخلق مالى من ألوذ به … سواك عند حلول الحادث العمم
وانظر: الرد على البردة ل أبا بطين (ص: ١٢).

<<  <   >  >>