للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وبعد هذا البيان الذي لا يُبْقِي في القلبِ انصرافًا للمخلوق، ختم الله الآية بقوله: ﴿وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾: أي لا يُخبِرُك بمآلات الأمورِ وعواقبها، مثلُ الخبيرِ العالم ببواطن الأمور، وهو الله سبحانه.

فمناسبة الآية للباب: أنَّ فيها الردَّ والبرهان القاطع على بطلان الشرك، والردَّ على المشركين بالله وبيان حال معبوداتهم، وإذا كانت هذه حالها، فكيف تدعى من دون الله؟!

واعلم أن هذا لا يتنافى مع كون الأموات قد يسمعون كلام الأحياء، فإن هذا فيه خلافٌ في ثبوته أولًا (١)، ولو ثبت فلا يلزم أنهم يسمعون كل شيء، وعلى فرض سماعهم لكل شيء، فالله أخبر أنَّهم لا يسمعون دعاء من دعاهم، وهذا كافٍ.

(٣) حديث أنس قال: «شُجَّ اَلنَّبِيُّ يَوْمَ أُحُدٍ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، فَقَالَ: كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهِمْ؟».

والشجة: الجرح في الرأس والوجه خاصة (٢).

والرباعية: الأسنان في المقدمة التي تلي الثنايا، والإنسان له أربع رباعيات، والذي كسر رباعية النبيّ هو عتبة بن أبي وقاص، قال ابن حجر: «والمراد: أنَّها كُسِرت فذهب منها فلقة، ولم تُقْلَع من أصلها» (٣).


(١) محموع الفتاوى (٥/ ٣٦٤).
(٢) والذي شجه في جبهته هو عبد الله بن شهاب الزهري، وأما عبد الله بن قمئة فقد جرح وجنته، فدخلت حلقتان من حلق المغفر في وجنته. السيرة النبوية، لابن هشام (٤/ ٢٨)
(٣) فتح الباري (٧/ ٣٦٦).

<<  <   >  >>