للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* وقوله: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهِمْ؟»: استفهامٌ، معناه: ما أبعد هؤلاء عن الفلاح، وقد شجوا نبيهم.

والمعنى: أنَّ أنسًا في هذا الحديث بَيّنَ ما لحق النبيّ من أذى قومه يوم أحد، فكأنَّه لحقه من تلك الحالِ يأسٌ من فلاح كفار قريش، فقال: «كيف يفلحون»، فأنزل الله: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾، فأمور الخلق وتدبيرهم وعقابهم أو رحمتهم ليست إليك بل إلى خالقهم سبحانه، أما أنت فعبدٌ مأمورٌ بإنذارهم وجهادهم، فامض لشأنك ودُم على الدعوة لدين ربك (١).

ومناسبة الآية للباب ووجه الشاهد منها من جهتين:

١. أنَّه إذا كان النبيّ وهو قد أوذي وكسرت رباعيته لم يعذره الله بكلمة: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ … » وبيّن أنَّه ليس له من الأمر شيء، فما بالك بمن سواه كالأولياء أو الأنبياء، وغيرهم ممن هم إما أموات أو جمادات، وهم لا يملكون من التدبير شيئًا.

٢. أنَّه لو كان النبيّ يملك جلبَ النفع ودفع الضر، لَدَفع الضُرّ عن نفسه، ولَما أصيب وأدمي وجهه وكسرت رباعيته، فكيف بمن هو دونه ؟!

(٤) عن ابن عمر: «أنَّه سمع رسول الله يَقُولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ اَلرُّكُوعِ فِي اَلرَّكْعَةِ اَلْأَخِيرَةِ مِنَ اَلْفَجْرِ: اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا بَعْدَمَا يَقُولُ: سَمِعَ اَلله لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ اَلْحَمْدُ، فَأَنْزَلَ اَللَّهُ ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾»، وَفِي رِوَايَةٍ: يَدْعُو عَلَى صَفْوَانَ بْنِ أُمِّيَّةَ وَسُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَالْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَزَلَتْ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾» أخرجه البخاري، وهو في قنوت النبيّ بعد أُحُدٍ،


(١) تيسير العزيز الحميد (٢٠٣).

<<  <   >  >>