للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حين كُسرت رباعيته وأُدمي وجهُه، فقال: «اَللَّهُمَّ اِلْعَنْ فُلَانًا» لأناسٍ من رؤوس المشركين.

واللعنُ: «الطرد والإبعاد من الله، وهو من الخلقِ السبُّ والدعاء» (١).

فيكون اللعن إذا صدر من الخلق: طلبُ طردِ الملعون وإبعادِه من الله بلفظ اللعن، وليس المراد مطلق السبّ والشتم.

والمعنى: أنَّ النبيّ لما أوذي دعا على هؤلاء الكفار، فجاءه التأنيب والنهي ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ ولم يكن النبيّ يعلم الغيب، فإنَّ هؤلاء الثلاثة الذين سمّاهم أسلموا وحسُنَ إسلامهم، وكان الله عليمًا ببواطن الأمور حين لم يستجب للنبي دعاءه، فأين هذا مما يعتقده عبّاد القبور في الأولياء والصالحين، بل في الطواغيت أنَّهم ينفعون مَنْ دعاهم ويكشفون بلاءه وينصرون من لاذَ بجاههم، فيدعونهم برًّا وبحرًا، وفي كل حال، فإذا كان هذا في النبيّ، فما بالك بغيره؟!

ووجه الشاهد ومناسبة الحديث للباب: أنَّ النبيّ ليس له من الأمر شيء، ويتبين ذلك بأمرين ذُكرا في الحديث السابق:

١. أنَّه لما آذاه هؤلاء المشركون لم يستطع ردّ أذاهم بنفسه، بل لجأ إلى ربّه القادر على جلب النفع ودفع الضر.

٢. أنَّه لما دعا على هؤلاء أنزل الله ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾.

ولا تعارض بين هذا الحديث، وبين الذي قبله، كون الآية نزلت فيهما، بل يقال: إنَّ هذه القصة كانت في غزوة أحد، وأنَّه قنت بعد غزوة أحد،


(١) النهاية في غريب الحديث (٤/ ٢٥٥).

<<  <   >  >>