للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإذا كانت هذه الملائكة الذين عَظُمَ خَلقُهم وقوي بأسُهم، وهذا حالهم مع الله، وهذا خوفهم منه وخشيتهم له، فكيف يتجهُ أحدٌ إليهم ويدعوهم من دون الله استقلالًا أو وساطةً طلبًا لشفاعتهم؟!

وإذا كان هذا في الملائكة مع جلالة قدرهم، وقربهم من ربّهم، لا يجوز أن يُدعون من دون الله، فغيرهم ممّن هو أضعف منهم وممن لا يقدر على شيءٍ من الأصنامِ والأمواتِ؟! أولى أن لا يُدعى ولا يعبدَ من دون الله.

المسألة الثانية: أورد المصنف في الباب حديثين مستدلًا بهما على الباب:

(١) ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة ، عن النبيّ قال: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كأنَّه سلْسِلَة عَلَى صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ ﴿حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضه فَوْقَ بَعْضٍ -وصفه سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ- فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَه الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعت مِنَ السَّمَاءِ».

* وقوله: «إِذَا قَضَى اللَّهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ»: أي إذا تكلم بالأمر الذي شاء وقوعه، والذي قضاه في السماء مما يكون.

* وقوله: «خَضَعَانًا لِقَوْلِهِ»: بفتح الخاء والضاد من الخضوع، وفي رواية بضم أوله وسكون ثانيه، بمعنى: خاضعين.

* وقوله: «كأنَّه سلْسِلَة عَلَى صَفْوَانٍ»: أي كأنَّ الصوت المسموع صوت

<<  <   >  >>