للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلسلة على الصفوان، وهو الحجر الأملس، وهذا التشبيه اختلف في المراد به:

- فقيل: المرادُ صوتُ الملَكِ بالوحيّ، كما ورد أنَّ الوحيَّ كان يأتي النبيّ كصلصلة الجرس، وهذا فيه نظر.

- وقيل: هو تشبيه ما يحصل للملائكة من الفزع، أنَّه كفزعِ من يسمع سلسلةً على صفوان (١).

- وقيل: إنَّه تشبيه سماع الملائكة لصوت الله تعالى بسماع من يسمع سلسلةً على صفوان، وهذا يفيد أنَّه كلام حقيقي، بصوتٍ، وأنَّه قوي، وهذا تشبيه للسماع بالسماع، وليس تشبيهًا للمسموع -وهو كلام الله- بالمسموع وهو صوت السلسلة تجر على الحجر، وفرق بينهما.

ونظير هذا حديث: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ هَذَا القَمَرَ» (٢) هو تشبيه للرؤية بالرؤية، من حيث أنَّهم يرونه بوضوح، وظهور، وبلا تزاحم، وليس تشبيهًا لله تعالى بالبدر، فالله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾.

* والدليل: حديث ابن مسعود مرفوعًا: «إِذَا تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْي، سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً، كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا فَيُصْعَقُونَ … »، وفي لفظ: «تَكَلَّمَ اللَّهُ بِالْوَحْيِ، سُمِعَ له صوتٌ كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفْوَانِ» (٣).


(١) القول المفيد (١/ ٣١٠).
(٢) أخرجه البخاري (٥٥٤)، ومسلم (٦٣٣) من حديث جرير بن عبد الله.
(٣) أخرجه أبو داود (٤٧٣٨)، وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٣٥٠)، وابن حبان (٣٧)، والبيهقي في الأسماء والصفات (ص: ٢٠١)، وقال الألباني: إسناد صحيح على شرط الشيخين.
قلت: وقد روي موقوفًا على ابن مسعود، والموقوف فيه أصح، وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعًا نحوه.

<<  <   >  >>