للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«إِنَّ المَلَائِكَةَ تَنْزِلُ فِي العَنَانِ -وَهُوَ السَّحَابُ-، فَتَذْكُرُ الأَمْرَ قُضِيَ فِي السَّمَاءِ، فَتَسْتَرِقُ الشَّيَاطِينُ السَّمْعَ فَتَسْمَعُهُ، فَتُوحِيهِ إِلَى الكُهَّانِ، فَيَكْذِبُونَ مَعَهَا مِائَةَ كَذْبَةٍ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ» (١).

وقد وصف سفيان بن عيينة ركوب الشياطين بعضهم فوق بعض، بأن مَيّلَ يده وفرّق بين أصابعه.

* وقوله: «فَرُبَّمَا أَدْرَكَه الشِّهَابُ»: هو النجم الذي يرمى به ربما أدركه قبل إلقائها، وربما ألقاها قبل أن يدركه لحكمة يعلمها الله، وإلّا فالله لا يعجزه شيء، والرجمُ بالشُهُبِ كان موجودًا في الجاهلية، بدلالة حديث: «مَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ إِذَا كان مثْل هَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قالوا: نَقُولُ: وُلِدَ عَظِيمٌ أوَمَاتَ عَظِيمٌ» (٢)، فلما بُعِثَ النبيُّ مُنِعت، ﴿فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا﴾ [الجن، الآية (٩)].

وبعد موت النبيّ زال السبب الذي لأجله قُطِعوا، فعادوا وعادت الشهب.

* وقوله: «أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا؟»: أي أنَّ الذين يأتون الكهان يصدقونهم إذا ذكروا لهم أمرًا، بسبب أنَّهم ذكروا لهم مرةً أمرًا فوقع كما قالوا، فاعتقدوا أنَّ ما يقولونه حقٌ، وما هي إلّا كلمةٌ واحدة في مئات الكذبات.

ومعنى الحديث والشاهد منه: أنَّ النبيّ بيّن ما تكون عليه الملائكة من حالةٍ عند نزول الوحي وتكلُّمِ اللهِ به، أنَّهم يفرقون ويفزعون ويصعقون، بالرغم من عِظَمِ خلقهم، حتى يكون أولّ من يفيق منهم جبريل، فإذا كانت


(١) أخرجه البخاري (٣٢١٠).
(٢) أخرجه الترمذي (٣٢٢٤)، وعبد بن حميد (٦٨٣)، والدارمي في الرد على الجهمية (٣٠٧)، والبيهقي في الدلائل (٢/ ٢٣٨)، والحديث أصله في صحيح مسلم (٢٢٢٩).

<<  <   >  >>