* أما الآية: فهي قوله: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص، الآية (٥٦)]، والمعنى: ليس إليك أن تهدي من أحببت هدايته، إنما عليك البلاغ، والله يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، وله الحكمة البالغة سبحانه.
ولا تنافي بين هذه الآية، وبين قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فإن الهداية نوعان:
١ - هداية دلالة وإرشاد: بأن يَدُلَّ ويُرشِدَ إلى الحقّ، فهذه تتوجه إلى النبيّ ﷺ، كما في قوله: ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
٢ - هداية توفيق: بأن يوفّق صاحبه للخير والبر، فهذه هي المنفية في الآية، وهي ليست إلّا لله.
* وأما الحديث: فهو في خبر النبيّ ﷺ مع أبي طالب.
* وقوله:«لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ اَلْوَفَاةُ» حضور الوفاة هنا تحتمل معنيين:
١. حضرت علامات الوفاة: وإلّا لو انتهى إلى المعاينة لم تنفعه ولو قالها، قال الله: ﴿وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ﴾ [النساء، الآية (١٨)]، ويدل لهذا المعنى أنَّهم تراجعوا الكلام، وهذا لا يكون لمن هو في النزع.
٢. حضرته الوفاة الحقيقية: لكن رجا النبيُّ ﷺ أنَّه إذا نطق بها -ولو في تلك الحال- أن تنفعه ويشفعُ هو ﷺ فيه، ولذا قال:«أجادل لك بها»«أشفع لك»«أشهد لك بها»، ولم يجزم أنَّها تنفعه لو قالها، فيكون هذا خاصًا بأبي طالب،