للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما غيره فإذا وصل إلى هذا الحدِّ لا تُقبل منه توبة.

* وقوله: «يَا عَمِّ قُلْ: لا إله إلّا الله» أي: قُلها بلفظها، واعتقد معناها، ولا يكفي أحدهما عن الآخر، فمن قالها بلسانه ولم يعتقدها قلبه، حَقنت دمَهُ في الدنيا فقط، ومن اعتقدها بقلبه، ولم يلفظ بها، لم يدخل في الإسلام.

وإنما لم يقل له النبيّ : اعتقدها مع ذلك بقلبك؛ لأن العرب يعرفون هذه الكلمة ومعناها، ولذا أنكر عليه قولها أبو جهل وصاحبه.

ولأنَّ أبا طالب كان يعتقد بقلبه أنَّ الإسلام هو الحق، لكن هذا لا ينفعه؛ لأنَّه لم ينطق.

* وقوله: «كَلِمَةً» منصوبة، بناءً على أنَّها بدلٌ من «لا إله إلّا الله»، والقاعدة: أنَّ البدل يتبع المبدل في إعرابه، ويجوزُ رفعُها على إضمار المبتدأ، أي: هي كلمةٌ، (١)، ومعلوم أنَّ الكلمة هنا يراد بها الجملة، لا الكلمة المفردة، ومنه قوله : «أَصْدَقُ كَلِمَةٍ قَالَهَا شَاعِرٌ: كَلِمَةُ لَبِيدٍ (أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلَا اللهَ بَاطِلٌ)» (٢).

* وقوله: «أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ؟» أتيا بالكلام على صيغة الاستفهام مبالغة في الإنكار عليه في مخالفة الآباء والكبراء، فهما لما خشيا أن يقولها ذكّراه بالحمية الجاهلية، وأنه لو قالها فسيخالف مِلَّة والده عبد المطلب، وهذه حجةٌ شيطانيةٌ لَبّس بها الشيطانُ على عددٍ من الكفار، ولذا أخبر الله أن فرعون قال لموسى: ﴿قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى﴾ هل كلهم ضلوا،


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، للقرطبي (١/ ١١٠).
(٢) أخرجه البخاري (٣٨٤١)، ومسلم (٢٢٥٦).

<<  <   >  >>