للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنت ومن معك المهتدون؟! قال السعدي: «أي: ما شأنهم، وما خبرهم؟ وكيف وصلت بهم الحال، وقد سبقونا إلى الإنكار والكفر، والظلم، والعناد، ولنا فيهم أسوة؟ وقال الله عن بعض الأمم قولهم: ﴿وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف، الآية (٢٣)(١).

وتأمل هنا ضرر رُفقةِ السوء، كيف حرصا على إضلاله وثنيه عن الإسلام، والعجيب أنَّ عبد الله بن أبي أمية أسلم بعد ذلك.

* وقوله: «فَأَعَادَ عَلَيْهِ اَلنَّبِيُّ » أعادهُ عليه لشدِّة حِرصه على هدايةِ عمّه، ولم ييأس ، وهكذا ينبغي للداعية أن لا ييأس.

* وقوله: «فَأَعَادَا»: أي كررا عليه المقولة السابقة؛ خوفًا من إسلامه.

وعند مسلمٍ تتمة الحديث: «لَوْلَا أَنْ تُعَيِّرَنِى قُرَيْشٌ يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الْجَزَعُ، لأَقْرَرْتُ بِهَا عَيْنَكَ» (٢)، أي: سررْتُك بقولها، وأبلغتُكَ أُمْنيتك.

* وقوله: «هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ» هذا من تصرف الرواة، وإلّا فأبو طالب قال: «أنا … » ومثل هذه التصرفات مستحسنة، كما قال ابن حجر (٣).

وفي روايةٍ أنّ رسول الله قال بعد ذلك: «أمَا والله لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ»، فأكدت بثلاث مؤكدات:

١ - القسم. ٢ - اللام. ٣ - نون التوكيد الثقيلة.

وذلك تأكيدًا لعزمه ، وهذا من مجازاته له على المعروف، لكن كأنَّه


(١) تيسير الكريم الرحمن (١/ ٥٠٦).
(٢) صحيح مسلم (٢٥).
(٣) فتح الباري (٨/ ٥٠٧).

<<  <   >  >>