خشي أن يُنهى فقال:«مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» وهذا ما وقع، إذ نُهِي عن ذلك.
* وقوله: فأنزل الله: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ [التوبة، الآية (١١٣)]. هذا خبرٌ بمعنى النهي، أي: ما ينبغي لهم ذلك.
* فإن قيل: قوله في الحديث: «فَأَنْزَلَ الله» تفيد أنَّها نزلت بعد هذه القصة، وكانت في مكة، يشكل عليها أنه ورد أنَّ رسول الله ﷺ لما اعتمر مرَّ على قبر أمّه، فاستأذن ربّه في أن يستغفر لها، فلم يؤذن له، فكيف استأذن بعد النهي؟ وكيف قيل: إنَّ الآية نزلت بعد استئذانه الاستغفار لأمه؟
* منهم من قال: يُحمل هذا على أنَّ الآية تأخر نزولها، فتكون نزلت إثر استئذانه في الاستغفار لأمه، وحينها يكون لها سببان:
١. متقدم، وهو أمرُ أبي طالب.
٢. متأخر، وهو أمرُ أمّه ﷺ وقد يؤيد هذا قولُ الراوي:«فأنزل الله في أبي طالب، فقال: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي﴾، فهذا يشعر أنَّ الأولى نزلت في أبي طالب وغيره، بينما قال في الثانية: «وأنزل في أبي طالب».
وأقربُ منه أن يقال: إنَّ الآية هذه نزلت في قصة أبي طالب، ولذا حين أراد أن يستغفر لأُمّه استأذن ربه، والاستئذانُ يدل على وجود منع سابق، والله أعلم.
ومناسبة الحديث للباب: أنّ فيه نفي هداية التوفيق عن النبيّ ﷺ، وإذا انتفت عن أكرم الخلق فغيره من باب أولى، ويكون طلبها من غير الله شركًا.
ومما يؤخذ من الحديث غير ما سبق الإشارة إليه: تفسير كلمة لا إله إلا الله، وهو أمرٌ عرفه أبو جهل حين قال لأبي طالب:«أترغب عن ملة عبد المطلب؟»،