للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السلف.

ومناسبة الحديث للباب: أنَّه ما أوقع هؤلاء في الشرك إلّا الغلو في الصالحين ومحبتهم، حتى صوروهم، فدخل الشيطان عليهم من هذا المدخل، فالغلو مدخل شيطاني لإيقاع الناس في الشرك، ومنه دخل على كثير من الناس اليوم.

وتبين من الحديث أهمية نشر العلم، وغرس التوحيد؛ فإنَّ نسيان العلم كان مدخلًا للشيطان في نشر الشرك في قوم نوح.

ثم ذكر المصنف كلام ابن القيم مبيّنًا أنَّ أوّل الخلل وقع بسبب الغلو، فقال: (قال غير واحد من السلف: «لما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم»).

فقد ذكر ابن القيم طريقَ الشيطان في تدرّجه بهم حتى أوصلهم إلى الشرك، سواء هم أو غيرهم من عباد الأصنام أو القبور، فقال: «ومن أعظم مكايده التي كاد بها أكثر الناس، وما نجا منها إلّا من لم يرد الله تعالى فتنته: ما أوحاه قديمًا وحديثًا إلى حزبه وأوليائه، من الفتنة بالقبور، حتى آل الأمر فيها إلى أن عُبِدَ أربابُها من دون الله، وعُبِدَت قبورهم، واتُخِذت أوثانًا وبُنِيت عليها الهياكل، وصورت صور أربابها فيها، ثم جعلت تلك الصور أجسادًا لها ظل، ثم جعلت أصنامًا وعبدت مع الله تعالى، وكان أول هذا الداء العظيم في قوم نوح، كما أخبر سبحانه عنهم في كتابه حيث يقول: ﴿قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (٢١) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (٢٢) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (٢٤)﴾ [نوح، الآية (٢١ - ٢٤)].

وبيّن في موضعٍ آخر أنّ تدرجه كان خطوةً خطوةً:

١ - ألقى إليهم أنَّ البناء على القبور والعكوف عليها من محبة الصالحين

<<  <   >  >>