للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعظيمهم، وأنَّ الدعاء عندها أرجى في الإجابة، حتى تقرر ذلك عندهم.

٢ - بعد ذلك نقلهم إلى الإقسام على الله بها والدعاء بها، وهذا أعظم من الذي قبله؛ فإنَّ شأن الله أعظم من أن يقسم عليه، أو يسأل بأحد من خلقه.

٣ - ولما تقرر ذلك عندهم نقلهم إلى دعائه وعبادته وسؤاله الشفاعة من دون الله، واتخاذ قبره وثنًا يعبد ويعكف عليه ويطاف ويذبح عنده وغير ذلك.

٤ - ونقلهم إلى معاداة من نهى عن الشرك؛ بحجة أنَّهم حطّوا من منزلة هؤلاء الأولياء، فنفروا الناس عنهم وعادوهم، وهذا في السابق ﴿وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ … ﴾ وهو موجود إلى الآن (١).

(٣) حديث عمر أن رسول الله قال: «لَا تُطْرُونِي، كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْد، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ».

والإطراء: المبالغة في المدح ومجاوزة الحدّ فيه.

وسبق بيان غلو النصارى في إطراء عيسى حتى ادعوا له الألوهية.

فنهى النبيّ أتباعه عن إطرائه كما وقع من النصارى، وأعقب ذلك ببيان منزلته الحقيقة، حين قال: «إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ … » ليس لي في الربوبية حقٌّ، بل أنا عبدٌ، والعبد من شأنَّه أنَّه لا يملك ولا يتصرف في أمر سيده، وكل الخلق عبادٌ لله.

ثم طلب منهم التوازنَ والتوسط في حقه، بلا إفراط ولا جفاء، فقال: «فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ، وَرَسُولُهُ» فيصفوه بالعبودية، ولا يرفعوه فوق ما جعله الله


(١) انظر: إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان، لابن القيم (١/ ٢١٧).

<<  <   >  >>