للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* وقد ساق المصنف مستدلًا لهذا المعنى ثلاثة أحاديث:

(١) حديث عائشة في ذكر الكنيسة التي رأتها أم سلمة بأرض الحبشة، ووصفتها بأنَّها كان فيها تصاوير لأناس، ويظهر أنَّ هذا التصاوير هي صورُ أقوامٍ صالحين، كما أفاد ذلك كلام النبيّ بعد ذلك، فجاء تعليقه بأنَّ الذين صنعوا هذا هم شرارُ الخلق عند الله، ووصْفُهُمْ بهذا الوصف يقتضي تحريمَ فعلهم، بل سيأتي في الحديث الآخر: «لَعْنَةُ اَللَّهُ عَلَى اَلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى … » وهذا سدٌّ لذريعة الشرك.

ثم ذكر المصنف كلامًا لابن تيمية معلقًا على الحديث، وهو قوله: «فهؤلاء جمعوا بين فتنتين: فتنة القبور، وفتنة التماثيل»، ومضمون كلام الشيخ، أنَّ هؤلاء الذين بنوا على الكنيسة جمعوا بين فتنتين:

أ- فتنة القبور: بتعظيمهم لها وبناءِ المساجد عليها، وهي مبدأ الفتنة كما تقدم.

ب- فتنة التماثيل: أي الصور، وهي سبب وقوع قوم نوح في الشرك كما تقدم.

وإنما سمى ذلك فتنة: لأنَّها سببٌ لصدِّ الناس عن دينهم، وكل ما كان كذلك فهو من الفتنة، وهاتان الفتنتان هما سبب عبادة الصالحين.

• ومن هنا تعلم: العلّةَ من النهي عن اتخاذ المساجد والأبنية على القبور، وهو سدُّ ذريعة الشرك بعبادتها، فحسم الأمر، بل حرَّم الصلاة في المقبرة.

فإن قيل: إنَّ النهيَ الواردَ هو عن بناء المساجد على القبور، أي: فوقها، لكن لو بني المسجد بجوار قبر ولي، فلا حرج؛ لأنَّ النهي لا يشمله، إذ هو مقيد ب «على»

<<  <   >  >>