للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

حيث قال في الحديث: «بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا» فيجوز بجنبها، فكيف الجواب؟

* الجواب من وجهين:

أ. أنَّ هذا كلام من لا يعرف العربية، فإن (على) تأتي على معانٍ، منها (عند) ويدل لها نصوص، كقوله: ﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ [البروج، الآية (٦)]. أي: عندها، ﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾ [التوبة، الآية (٨٤)]. وليس مراده لا تقم فوقه، وكذا: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ﴾ [البقرة، الآية (٢٥٩)]. إلى غيره من النصوص.

ب. جاءت ألفاظ أخرى فيها التحذير من اتخاذ الأبنية على القبور، كاللعن في الحديث القادم، وهذه تعضد حديث الباب.

(٢) حديث عائشة قالت: «لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اَللَّهِ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اِغْتَمَّ بِهَا كَشَفَهَا، فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ: لَعْنَةُ اَللَّهُ عَلَى اَلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ … ».

فلما لعنهم النبيّ علّل اللعن بقوله: «اتَّخَذُوا قُبُورَ … » أي: بنوا عليها أماكن يتعبدون عندها لله، وإن لم تُسَمَّ مساجد.

• وعلى هذا: فمن بنى على قبور الصالحين بناءً، وميّزه به عن غيره، فهو داخلٌ في هذا الأمر.

ومِثلُه من بنى مسجدًا على القبر، قال ابن تيمية: «فهذه المساجدُ المبنية على قبور الأنبياء والصالحين، والملوكِ وغيرهم، يتعيّنُ إزالتها بهدمٍ أو بغيره، هذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين» (١).


(١) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ١٨٧).

<<  <   >  >>