للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

البعض الآن (١).

المسألة الخامسة: أهل العلم يقررون أنَّ النهي عن اتخاذ القبور مساجدَ أوسعُ مِنْ البناء عليها، بل جعل هذه البقعة موضعًا للعبادة يدخل في اتخاذها مسجدًا، يُفهَمُ هذا من كلام ابن تيمية الذي ذكره المصنف، ونصّه: «فقد نهى عنه في آخر حياته، ثم أنَّه لعن -وهو في السياق- مِنْ فعله، والصلاةُ عندها من ذلك وإن لم يبن مسجدًا» (٢)، وهو معنى قولها: «خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا»، فإنَّ الصحابة لم يكونوا ليبنوا حول قبرِه مسجدًا، وكل موضعٍ قُصِدت الصلاةُ فيه فقد اتُخِذَ مسجدًا، بل كل موضعٍ يُصلى فيه يسمى مسجدًا، كما قال : «جُعِلَتْ لِيَ اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا».

ومضمون كلام شيخ الإسلام: أن كل موضعٍ قَصدت أن تصلي فيه وتسجد فيصح أن يسمى مسجدًا، بل كل موضع صلّيت فيه فهو في حقيقة الأمر مسجدٌ، قال العثيمين: «وهذا يشهد له العرف، فإنّ الناس الذين لهم مساجد في أعمالهم كالوزارات والإدارات، لو سألت أحدهم أين المسجد؟ لأشار إلى المكان الذي اتخذه مصلى مع أنَّه لم يبنَ فيه» (٣).

ثم ساق ابن تيمية حديث: «جُعِلَتْ لِيَ اَلْأَرْضُ مَسْجِدًا … » ليستدل به على أنَّ المكان الذي يصلى فيه يسمّى مسجدًا، سواء قصد أو لم يقصد، بني عليه أو لا.


(١) ذكر ابن القيم أكثر من عشر مفاسد تترتب على البناء على القبور، بكلام نفيس، فليراجع. إغاثة اللهفان (١/ ١٩٧).
(٢) انظر: الاقتضاء (٢/ ١٨٩)، ومجموع الفتاوى (١٧/ ٤٦٣).
(٣) القول المفيد (١/ ٤٠٣).

<<  <   >  >>