للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدل على أنَّ قبر الرسول لو عُبِد لكان وثنًا كما قال: «وَثَنًا يُعْبَدُ» وإذا كان هذا في قبر النبيّ ، فما ظنك بغيره من القبور التي يدعوها ويعبدها الناس، لا شك أنَّها صارت بذلك أوثانًا.

المسألة الثالثة: ورد في الباب ما يدل على أنَّ سبب عبادة أهل القبور لهؤلاء هو غلوهم فيهم، حتى أوصلهم ذلك لأن يعبدوهم من دون الله.

وقد ذكر في الباب كلام مجاهدٍ على قوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى﴾ [النجم، الآية (١٩)]. قال: «كان يَلُتُّ لهم السويقَ فمات، فعكفوا على قبره».

فسببُ عبادةِ اللاتِ هو الغلوُ في قبره حتى صار وثنًا يُعبد، وحتى صار ذلك هو السبب في وقوع الشرك في قوم نوح، واليوم ترى من الأمة من يغلو في الأموات ويبني عليهم القباب والمشاهد ونحوها.

المسألة الرابعة: أنَّه نهى عن كل ما يكون سببًا لتعظيم القبور، ومن ذلك جعلُ السُرُجِ عندها، وكذا تجصيصُها والبناءُ عليها؛ لِما يوقع ذلك من تعظيمها في نفوس بعض العامة.

وقد ساق في الباب حديث ابن عباس قال: «لَعَنَ رَسُولُ اَللَّهِ زَائِرَاتِ اَلْقُبُورِ، وَالْمُتَّخِذِينَ عَلَيْهَا اَلْمَسَاجِدَ وَالسُّرُجَ».

قال ابن قدامة: «لو أُبيح اتخاذُ السُرُجِ عليها لم يُلعَنْ مَنْ فَعله؛ لأن فيه تضييعًا للمال على غيره، وإفراطًا في تعظيم القبور أشبه تعظيم الأصنام» (١).

وقال ابن تيمية: «بناء المسجد، وإسراج المصابيح على القبور، مما لم أعلم


(١) المغني (٢/ ٣٧٩).

<<  <   >  >>