المسألة الخامسة: دعى النبيّ ﷺ وقال: «اَللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ»، وقد استجاب الله دعاء نبيه في هذا.
قال ابن تيمية:«وقد استجاب الله دعوته، فلم يُتَّخَذَ ولله الحمد وثنًا، كما اتُخِذَ قبرُ غيره، بل ولا يتمكن أحدٌ من الدخول إلى حجرته بعد أن بنيت الحجرة، وقبل ذلك ما كانوا يمكِّنون أحدًا من أن يدخل إليه ليدعو عنده، ولا يصلي عنده، ولا غير ذلك مما يفعل عند قبر غيره، لكن من الجهَّال من يصلي إلى حجرته أو يرفع صوته أو يتكلم بكلام منهي عنه، وهذا إنما يُفعَلُ خارجًا عند حجرته لا عند قبره، وإلا فهو- ولله الحمد- استجاب الله دعوته، فلم يمكن أحدٌ قطُ أن يدخل إلى قبره فيصلي عنده أو يدعو أو يشرك به، كما فُعِلَ بغيره، اتخذ قبره وثنًا، فإنَّه في حياة عائشة ﵂ ما كان أحدٌ يدخل إلّا لأجلها، ولم تكن تمكّن أحدًا أن يفعل عند قبره شيئًا مما نهى عنه، وبعدها كانت مغلقة، إلى أن أدخلت في المسجد، فسدّ بابها وبني عليها حائط آخر، كل ذلك صيانةً له ﷺ أن يتخذ بيته عيدًا وقبره وثنًا»(١).
* خلاصة الباب: أنَّ الغلوَ ومجاوزةَ الحدِّ تجاه القبور والأولياء قد يوصل الإنسان إلى أن يتخذها معبودةً من دون الله، والمشروع تجاه القبور هو أمور:
١. زيارتها للاتعاظ والاعتبار، كما فعل النبيّ ﷺ.
٢. الدعاء للمسلم منهم، كما فعل النبيّ ﷺ مع أهل أحد، وغيرهم.
٣. عدم وضع أي شيء من شأنه تعظيم المقبور، كأنوار وسرج وبنيان وستور وقباب، ونحو ذلك.