للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سبيل المجاز، وفي الحقيقة فاعله مشعوذٌ لا يَصدُق عليه اسمُ الساحرِ، وفِعلُه حرامٌ، لمضرّته وخِداعه وشعوذته، ويعزّر فاعله تعزيرًا بليغًا» (١).

المسألة الثالثة: ما حكم الساحر؟

* المقرر عند أكثر العلماء: أن الساحر كافرٌ (٢)، بأدلة كثيرة، ساق المصنف بعضها، ومنها قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ﴾ [البقرة، الآية (١٠٢)]. والمعنى: أن الله قال فيمن اشترى السحر -أي: تعلّمه-، واستبدل السحر عن متابعة الرسول، أنَّه ليس له في الآخرة من نصيبٍ، وكلُ من لا نصيب له في الآخرة فعمله حابطٌ باطلٌ، فيؤخذ كفره من هذه الآية من مواضع:

أ- قوله: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾.

ب- قوله: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ﴾ وعلى هذا يكفر من سحر، ومن تعلمه ولو لم يسحر، فمجرد تعلمه كفرٌ كما دلت عليه الآية.

ج- قوله: ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ قال الحكمي: «وهذا الوعيد لم يُطلَق إلا فيما هو كفرٌ، لا بقاء للإيمان معه، فإنَّه ما من مؤمن إلّا ويدخل الجنة، وكفى بدخول الجنة خلاقًا، ولا يدخل الجنة


(١) تيسير العزيز الحميد (ص: ٣٢٧).
(٢) وذهب الشافعي إلى أنه يفصّل في حكم الساحر، فقال: يقال للساحر صف السحر الذي تسحر به، فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه فإن تاب، وإلا قتل، وإن كان ما يسحر به كلاما لا يكون كفرًا فإنه لا يكفر. الأم (١/ ٢٩٣)
والحقيقة أن الخلاف ليس له أثر ظاهر، فإن السحر لا يكون إلا بشرك بالله، وحينها فنبقى على مذهب الجماهير بكفر الساحر مطلقًا.

<<  <   >  >>