للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أما ابن المسيب، فهو ما نقل عنه المصنف هنا عن قتادة: قلت لابن المسيب: «رَجُلٌ بِهِ طِبٌّ أَوْ يُؤْخَذُ عَنِ امْرَأَتِهِ، أَيُحَلُّ عَنْهُ أَوْ يُنْشَرُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ بِهِ الْإِصْلَاحَ، فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ، فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ».

وأما الإمام أحمد، فإنه سأله هنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها، فقال: «لا بأس» (١).

ولكن هذين ليسا بصريحين عن ابن المسيب ولا أحمد، وعلى هذا فيحمل كلام ابن المسيب على نوع من النشرة لا يُعلم أنَّه سحر، وهي الرقية أو النشرة الخالية من الشرك، وهذا هو الذي لا مفسدة فيه.

ولو صحّ عنه فهو مرجوح؛ لأنَّه خالفه غيره، بل هو خلاف النصوص.

وأما الإمام أحمد فلم ينصَّ على جوازه، بل إنَّه ورد في مسائل الأثرم عنه ما يدل على المنع منه، قال الأثرم: «سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنَّه يحل السحر، قال: قد رخص فيه بعض الناس» قيل: أنَّه يجعل في الطنجير ماءً ويغيب فيه، فنفض يده، وقال: «لا أدري ما هذا»، قيل له: أترى أن يؤتى مثل هذا؟ قال: «لا أدري ما هذا» (٢).

وهذا صريح في النهي عن النشرة على الوجه المحرم، وبهذا تعلم أنَّ ما ذهب إليه بعض فقهاء الحنابلة من الجواز عند الضرورة ضعيف، والله أعلم.

* خلاصة الباب: أنَّ حلّ السحر عن المسحور منه ما هو محرم وهو ما يكون بالسحر، ومنه ما هو جائز، وهو ما يكون بالرقى ونحوها.


(١) الفروع وتصحيح الفروع (١٠/ ٢٠٩)، الإنصاف، للمرداوي (٢٧/ ١٩٣).
(٢) الكافي في فقه الإمام أحمد، لابن قدامة (٤/ ٦٦)، الشرح الكبير على المقنع (٢٧/ ١٩٠).

<<  <   >  >>