للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* والأدلة على تحريم الطيرة مذكورة في الباب، ومنها:

(١) قوله: ﴿أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف، الآية (١٣١)].

وقوله: ﴿قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ﴾ [يس، الآية (١٩)]. بيّن الله فيها أنَّ التطير من أفعال وصفات أعداء الرسل، ومنهم قوم فرعون كما في الآية، أما عباد الله المؤمنين وأتباع الرسل فهم يعلقون قلوبهم بالله ويرضون بكل ما يصيبهم منه من تقدير.

(٢) حديث أبي هريرة ، أن رسول الله قال: «لَا عَدْوَى، وَلَا طِيَرَةَ».

والمراد هنا: النفيُ، وهو أبلغ، فيكون المراد أنَّه لا طيرة مؤثرة، وما يقع من الطيرة فهو شيء يتوهمه الإنسان، وليس لها في حقيقة الأمر تأثير، فالموفق من لم ينظر إلى ما يقع من أمور وأشياء، بل يتوكل على ربه ويمضي في دربه.

فإن قيل: ففي هذا الحديث قوله: «لَا عَدْوَى»، وإذا قيل: إنَّ المراد هنا النفي، فالمعنى: لا يعدي شيء شيئًا، وقد ورد في الحديث: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ» (١)، وورد أيضًا «لَا يُورَدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» (٢). فكيف الجمع؟

* اختلف في ذلك على أقوال، اختار ابن رجب وابن القيم وغيرهم أنَّ النفي هنا هو عن العدوى على الوجه الذي كان يعتقده أهل الجاهلية، من أنَّ الأمراض تعدي وتؤثر بطبعها ونفسها، من غير إضافة الفعل إلى الله، فأبطل الله هذا


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٤٤٣)، وابن أبي شيبة في المصنف (٨/ ٣٢٠)، وفي الأدب (١٧٩)، والبخاري في التاريخ الكبير (١/ ١٣٩)، وأبو الشيخ في أمثال الحديث (١٦٣)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٢١٨)، وانظر: الصحيحة (٧٨٣).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٧٠)، ومسلم (٢٢٢١).

<<  <   >  >>