للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

استبعاد الفرج وتيسر الأمر المتعسّر، ومن ذلك ما يقع من بعض العصاة إذا كثرت ذنوبهم، فربما قنطوا من رحمة الله ومن توبته عليهم، والمسلم يسمع من النصوص ما يجعله لا يقنط، ومنها:

أ- ﴿قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر، الآية (٥٣)].

ب- «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتُمُ اللَّهَ يَغْفِرُ لَكُمْ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُخْطِئُوا لَجَاءَ اللَّهُ بِقَوْمٍ يُخْطِئُونَ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ» (١).

• واعلم أنَّ أقرب الناس للقنوط هم الذين لا يعرفون الله، أما الذين يعرفونه فهم لا يقنطون، لعلمهم بسعة رحمته.

ولذا ورد أنَّ قدامة بن عبد الله شرب الخمر بعد تحريمها هو وطائفة، وتأولوا قوله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [المائدة، الآية (٩٣)]، فلما ذكروا ذلك لعمر بن الخطاب اتفق هو وعلي بن أبي طالب وسائر الصحابة على أنَّهم إن اعترفوا بالتحريم جلدوا، وإن أصرّوا على استحلالها قُتِلوا، وذلك أنَّ هذه الآية نزلت لما حرم الله الخمر وكان تحريمها بعد وقعة أحد قال


(١) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ٢٣٨)، والبخاري في التاريخ الكبير (٢/ ٦٥)، وأبو يعلى (٤٢٢٦)، والطبراني في الدعاء (١٨٠٥)، والضياء في المختارة (١٥٤٤ - ١٥٤٥).
وأخرجه الترمذي (٣٥٤٠)، عن أنس وحسنه من غير هذا الوجه، وبغير هذا اللفظ، والحديث أصله في صحيح مسلم (٢٧٤٩) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب.

<<  <   >  >>