للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعض الصحابة: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فأنزل الله هذه الآية؛ مبيّنًا فيها أن من طعم الشيء في الحال التي لم يُحرّم فيها فلا جناح عليه إذا كان من المؤمنين المتقين المصلحين (١)، كما كان من أمر استقبال بيت المقدس.

ثم إنَّ أولئك الذين فعلوا ذلك يُذمّون على أنَّهم أخطأوا وأيسوا من التوبة، فكتب عمر إلى قدامة يقول له: ﴿حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ (٣)﴾ [غافر، الآيات (١ - ٣)]. ما أدري أي ذنبيك أعظم؟ استحلالك المحرم أولًا؟ أم يأسك من رحمة الله ثانيًا؟

٢. اليأس من روح الله: وقيل: هو بمعنى القنوط، وقيل: بينهما فرق، وهو أنَّ القنوطَ أشدُّ اليأس، وقيل: بل المراد هنا بالقنوط: القنوط من رحمة الله واستبعاد حصول المطلوب، وباليأس: أن يستبعد زوال المكروه.

٣. الأمن من مكر الله: ومكر الله هو أنَّه إذا عصاه عبده وأغضبه، أنعم عليه بأشياء يظن أنَّها من رضاه، وإنما هي استدراج. قاله الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والمعنى: استدراجه بالنعم حتى يأخذه على غره.

وقال ابن تيمية: «هو إيصال الشر إلى الغير بطريق خفي» (٢).

وهذه الأمور وردت في حديث ابن عباس، وقد ورد في الآية أن من أمِنَ مكر الله، فهو من الخاسرين.


(١) أخرجه الترمذي (٣٠٥٠)، وابن حبان (٥٣٥٠) من حديث البراء مختصرًا، وأخرجه سعيد بن منصور في التفسير (٨٠٨) مطولًا، من طريق الحسن مرسلًا، وفي الباب عن أبي هريرة وغيره.
(٢) بيان الدليل (ص: ٢٣١)، وانظر: التعليق على فتح المجيد (ص: ٣٨).

<<  <   >  >>