للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يصير كافرًا الكفر المطلق، حتى يقوم به حقيقةُ الكفرِ، كما أنَّه ليس من قامت به شعبةٌ من شُعَبِ الإيمان يصيرُ مؤمنًا الإيمان المطلق، حتى يقومَ به أصلُ الإيمان، وفرقٌ بين الكفر المعرف بأل، وذلك المخرج من الملة، كما في قوله: «إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ» (١)، وبين الكفر المُنَكَّرِ في الإثبات، فذلك يقتضي التشديد والزجر.

٢) أنَّه ليس منا من فعل ذلك: وهي من نصوص الوعيد، ووردت في عدة أحاديث، واختلف الأئمة في تأويلها، وذهب الثوري وأحمد: «إلى كراهة تأويلها، لتكون أبلغ في الزجر وأوقع في النفوس» (٢).

المسألة الرابعة: أنَّ المؤمن يرضى عن الله في أقداره، ويصبر على قضائه، ويدعوه لذلك أمور:

١ - أنَّه يعلم أنَّ ذلك بقدر الله: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ أي: بقدره وإرادته الكونية القدرية، وحكمته التامة ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾ [الحديد، الآية (٢٢)].

٢ - أنَّ مَنْ صبر، واستسلم لقضاء الله، عوّضه عما فاته من الدنيا هُدىً في قلبه ويقينًا صادقًا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرًا منه، ولذا أورد المصنف قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن، الآية (١١) قال علقمة: «هُوَ الرَّجُلُ تُصِيبُهُ الْمُصِيبَةُ، فَيَعْلَمُ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَيَرْضَى وَيُسَلِّمُ».

٣ - أنَّ مثل هذه المصائب هي مكفرات ذنوب، ولذا أورد المصنّف في


(١) أخرجه مسلم (٨٢) من حديث جابر.
(٢) فتح الباري، لابن حجر (٣/ ١٦٤).

<<  <   >  >>