للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الباب قوله : «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ، عَجَّلَ لَهُ بِالْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا … »، فكون التكفير يقع في الدنيا أهون، وقد نقل الشارح عن ابن تيمية قوله: «المصائب نعمة؛ لأنَّها مكفراتٌ للذنوب، وتدعو إلى الصبر، فيثاب عليها، وتقتضي الإنابةَ إلى الله، والذلَّ له والإعراض عن الخلق» (١).

٤ - أنَّ الله يوقع الابتلاء على من يحبهم، ليرفع درجاتهم، ويختبر صدق محبتهم، ولذا أورد المصنف قوله : «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا اِبْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَى، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السُّخْطُ».

فأفاد الحديثُ أنَّ الرضا بالبلاء عبادة، وأنَّ السخطَ محرم، وأنَّ عاقبة الرضى الثواب، وطمأنينة القلب، وعاقبة السخط الحسرةُ، والتألم لأجل المصيبة، فلا هو كسب الأجر على المصيبة، ولا هو صبر واحتسب فهوَّنها الله عليه.

المسألة الخامسة: ذكر ابن تيمية أنَّ الصبر على الأقدار التي تقع على العبد بغير اختياره من المصائب نوعان:

النوع الأول: نوعٌ لا اختيار للخلق فيه: كالأمراض وغيرها من المصائب لا السماوية، فهذه يسهل الصبر فيها؛ لأن العبد يشهد فيها قضاء الله وقدره، وأنَّه لا مدخل للناس فيها، فيصبر، إما اضطرارًا، وإما اختيارًا.

النوع الثاني: ما يحصل بفعل الناس في ماله أو عرضه أو نفسه، فهذا النوع يصعب الصبر عليه جدًا؛ لأن النفس تستشعر المؤذي لها، وهي تكره الغلبة، فتطلب الانتقام، فلا يصبر على هذا النوع إلا الانبياء والصديقون، وكان


(١) تيسير العزيز الحميد (ص: ٤٤٦)، ولم أجد هذا الكلام في المطبوع من كتب ابن تيمية، فلعله بالمعنى.

<<  <   >  >>