للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن القيم: «فهذا المعمول فيه على الباعث الأول ما لم يفسخه بإرادة جازمة لغير الله، فيكون حكمه حكم قطع النية في أثناء العبادة، وفسخها، أعني: قطع ترك استصحاب حكمها» (١).

* فأما إذا عمل العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بذلك، ففرح بفضله ورحمته واستبشر بذلك، لم يضره ذلك، وفي هذا المعنى حديث أبي ذر عن النبيّ قال: قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ : أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ مِنَ الْخَيْرِ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى الْمُؤْمِنِ» (٢).

المسألة الخامسة: يجب على الإنسان أن يسعى لجعل أعماله لله، وينقّي قلبه من الرياء والسمعة، ومما يعين على ذلك عدة أمور:

١. أن يدافع بواعث الرياء، وهي ثلاثة -سبق ذكرها- حب المحمدة-، والفرار من ألم الذم والنقد، والطمع فيما بأيدي الناس.

فجاهد نفسك على مدافعة هذه الأشياء من القلب، باستشعار أنَّ مدح الناس وذمهم لا يغير من منزلتك عند الله شيئًا، وإنَّما ترتفع عند الله أو تنزل بإخلاصك أو رياءك، وبأن تستشعر أنَّ الخلق إلى زوال قريب ماضون، فكم كان في الأرض من أقوام أرادوا بأعمالهم مدح الناس وثنائهم، فأثنى الناس عليهم، والآن قد مضى المادح والممدوح، ولا يبقى للعبد في قبره إلّا ما أخلص لله من عمله!

وبأن يستشعر أنَّ ما في أيدي الناس هو من الله، فهو الرازق لا سواه،


(١) إعلام الموقعين (٢/ ١٢٤).
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٤٢).

<<  <   >  >>