للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا، قال ابن كثير معلّقًا على قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾: «ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المُحْكَمِ المشتملِ على كل خير، الناهي عن كل شرٍّ وعدل، إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات، التي وضعها الرجال بلا مستندٍ من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان، الذي وضع لهم اليَساق -وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى، من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه-، فصارت في بنيه شرعًا متبعًا، يقدِّمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله ، ومن فعل ذلك منهم فهو كافرٌ يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله» (١).

وقال الشنقيطيّ: «وبهذه النصوص السماوية التي ذكرنا يظهر غاية الظهور: أن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه، مخالفة لما شرعه الله جل وعلا على ألسنة رسله ، أنّه لا يَشكّ في كفرهم وشركهم إلّا من طمس الله بصيرته، وأعماه عن نور الوحي مثلهم» (٢).

وهذا الأمر كان موجودًا في الجزيرة في زمن دعوة المجدد، وكانوا يسمون ذلك: السُلُوم، أو سوالف البادية، أو شرع قبيلة كذا، ويتحاكمون إليها، وقد أنكر العلماء هذا الأمر، قال ابن سحمان: «فإن كثيرًا من الطوائف المنتسبين إلى الإسلام قد صاروا يتحاكمون إلى عادات آبائهم، ويسمون ذلك


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ١٣١).
(٢) أضواء البيان، للشنقيطي (٣/ ٢٥٩).

<<  <   >  >>