ووجه الشاهد من الآيتين: أنَّ التحاكم إلى غير الله ورسوله هو من أعمال المنافقين، وهو من أعظم الفساد في الأرض، ولا صلاح للأرض إلا بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله وهو سبيل المؤمنين.
واعلم أنَّ الإفساد المعنوي الذي يحصل بتحكيم غير شرع الله أعظمُ من الإفسادِ الحسيّ الذي يترتب عليه الإيذاء للناس في دنياهم، بل لا مقارنة بينهما.
المسألة الخامسة: التحاكم إلى غير شرع الله هو من اتباع أهل الجاهلية في ضلالهم، وقد ساق المصنف قوله تعالى: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾ [المائدة، الآية (٥٠)].
وخلاصة القول في تفسيرها: أنَّ الله أنكر على كل من خرج عن حكم الله، المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، وترك الحكم بشرع الله في كل القضايا كفر بالله سبحانه كما تقدم.
المسألة السادسة: أورد المؤلّف في الباب ما ورد عن عمر بن الخطاب ﵁ أنَّه قتل من أراد التحاكم إلى غيره، وهذا الأثر أتى به الشيخ بصيغة التمريض (قيل)، وقد ذكره الواحدي في أسباب النزول معلقًا عن الكلبي عن أبي صالح، وهذا مع تعليقه إسنادٌ ضعيف، لكن ورد له شاهد ذكره ابن تيمية في الصارم المسلول، ومع هذا فهو ضعيف؛ لأنَّه مرسل، ومن رواية ابن لهيعة (١)،
(١) الصارم المسلول على شاتم الرسول، لابن تيمية (ص: ٣٨).