للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسألة الثالثة: نسبةُ النعمِ لغير الله له حالات بعضها أشدُ من بعض:

الحالة الأولى: أن ينسب النعم لغير الله نسبة إيجادٍ وخَلقٍ، فيعتقد أن غير الله هو من أوجدَ النعمة؛ وهذا كفرٌ بالله، حيث جعلَ المنعم غيره سبحانه، والله هو وحده الرازق ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾ [فاطر، الآية (٣)].

الحالة الثانية: أن يضيف النعم للمخلوق، باعتقاد أنَّ المخلوق سببٌ، والمنعم هو الله، فهذا له حالتان:

أ-إن كان المخلوقُ سببًا: فلا يجوز؛ لأنَّه أضاف النعمة له، ولم يضفها إلى الله.

وقد يدخل هذا فيما ورد عن أبي سعيد : «إِنَّ مِنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ أَنْ تُرْضِيَ النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَأَنْ تَحْمَدَهُمْ عَلَى رِزْقِ اللَّهِ … » (١).

ب- أن لا يكون المخلوق سببًا، كما لو أضاف النعمة للولي فلان، أو للأمير، وليس له فيها أي تسبّب، فهذا أشنع، وقد يصل إلى الشرك، إن اعتقد أنَّه له تصرفًا في الأمور، وسيأتي لهذا أمثلة في المسألة الرابعة.

الحالة الثالثة: أن ينسب النعمة لله، ومع هذا يشكر المخلوق؛ لأنَّه تسبب في هذا، وثبت أنَّ له سببًا، فهذا جائز، بل مشروع، وقد قال النبيّ كما في حديث أبي هريرة : «لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» (٢).


(١) سبق إيراد المصنف له في الباب (٣٢).
(٢) أخرجه أحمد (٢/ ٢٩٥ - ومواضع)، والبخاري في الأدب المفرد (٢١٨)، وأبو داود (٤٨١١)، والترمذي (١٩٥٤)، وابن حبان (٣٤٠٧)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ١٨٢)، وفي الشعب (٩١١٧)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <   >  >>