للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسألة الرابعة: ذكر المصنف في الباب قوله تعالى: ﴿يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ﴾ [النحل، الآية (٨٣)]. وهي دالّةٌ على ذمِّ من أنكر نعمة الله ولم ينسبها له بعدما عرفها.

وذكر في الباب ثلاثة أقوالٍ للسلف فيما يدخل في الآية، وكيف تنكر النعم.

الأول: ما ورد عن مجاهد، وساقه بمعناه، ولفظه: «هي المساكنُ والأنعام وما يرزقون منها، والسرابيل من الحديد والثياب، يعرف هذا كفار قريشٍ ثم ينكرونه، بأن يقولوا هذا كان لآبائنا فورّثونا إياه» وهذا فيه تناسٍ للمسبب وهو الله، وفي هذا يقول ابن القيم ما معناه: «لما أضافوا النعم إلى غير الله، فقد أنكروا نعمة الله بنسبتها إلى غيره، فإن الذي يقول هذا جاحد لنعمة الله غير معترف بها، وهو كالأبرص والأقرع اللذين ذكرهما الملك بنعم الله عليهما، فأنكراها، وقالا: إنما ورثنا هذا كابرًا عن كابر، وكونها موروثة عن الآباء أبلغ في إنعام الله عليهم، إذ أنعم بها على آبائهم، ثم ورثهما إياها فتمتعوا هم وآباؤهم بنعمه» (١).

الثاني: أن يقول: لولا فلان ما حصل كذا، ومثله قول: لولا فلان قائد السيارة لهلكنا، أو لولا فلان ما نجحت في تجارتي، ومنه قول عون بن عبد الله: «يقولون: لولا فلان لم يكن كذا»، فمثل هذه الألفاظ:

أ- إن أراد بها السبب: فلا ينبغي له قولها، سواء كان السببُ خفيًا، أو لا اعتبار له، أو كان السببُ ظاهرًا، ولو أراد الإخبار وكان الخبرُ صدقًا مطابقًا للواقع، فالأولى أن لا يقولها، وأجازه بعضهم للإخبار.


(١) شفاء العليل (٨٢).

<<  <   >  >>