للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعظيم للمحلوف به، فلا تصرف لغير الله؛ لأنَّه هو المعظَّمُ، ولا شك أن الحالف بغير الله ما حمله على ذلك إلا تعظيمه للمحلوف به، وهذا يقع من بعض من يعظمون الأولياء، قال الشيخ سليمان بن عبد الله: «ولهذا إذا توجهتْ على أحدهم اليمينُ بالله تعالى أعطاك ما شِئتَ من الأيمان صادقًا أو كاذبًا، ولو قيل له: احلف بحياة الشيخ فلان، أو بتربته ونحو ذلك، لم يحلف إن كان كاذبًا، وما ذاك إلا لأن المدفون في التراب أعظمُ في قلبه من ربِّ الأرباب، وما كان الأولون هكذا، بل كانوا إذا أرادوا التشديد في اليمين حلفوا بالله تعالى، كما في قصة القسامة التي وقعت في الجاهلية» (١).

وإذا كان الحلف بغير الله شركًا -كما ورد في الحديث- فإن حكمه يختلف، حيث يقول أهل العلم:

أ- إن اعتقد أنَّ المحلوف به مساوٍ لله في التعظيم والحق: فهو شرك أكبر.

ب- إن لم يعتقد ذلك: فهو شرك أصغر.

* ولأجل خطورة الحلف بغير الله، قال ابن مسعود : «لأَنْ أَحْلِفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِهِ صَادِقًا». وذلك لأنَّ الحلف بالله كاذبًا كبيرة، والحلف بغير الله شرك وكفر، وإن كان أصغر فهو أكبر من الكبائر بإجماع السلف، قال ابن تيمية معلّقًا على كلام ابن مسعود : «لأنَّ حسنةَ التوحيدِ أعظمُ من حسنةِ الصدق، وسيئةَ الكذبِ أسهلُ من سيئة الشرك» (٢).

٢) قول: «لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص» وهذه فيها نسبة عدم وقوع السرقة للكلب حين نبح، وللبطّ حين صوّت، وهذا


(١) تيسير العزيز الحميد (ص: ١٨٦)
(٢) الفتاوى الكبرى (٥/ ٥٥٢).

<<  <   >  >>