للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسألة الثالثة: أقسام منكري القدر، وحكم من أنكر القدر.

* ذكر أهل العلم أن منكري القدر يدخل فيهم صنفان من الناس:

الأول: غلاة القدرية الذين ينكرون علم الله عن الأشياء قبل وقوعها، وينكرون كتابته سبحانه ما يقع على العباد، ويرون أنَّ الأمر لا يعلمه الله إلّا بعد وقوعه.

وهؤلاء الغلاة كفَّرهم العلماء كمالك والشافعي وأحمد (١)، وهو الذي دلّ له كلام ابن عمر في الحديث.

• والعلة: أنَّهم أنكروا علم الله سبحانه، ونسبوه إلى الجهل بالأشياء.

الثاني: من أثبت علم الله وكتابته، لكنّه أنكر مشيئة الله لما يقع من العبد، وخلقه له، وذلك لكي ينزهوا الله -كما يزعمون- من أن يعذب من فعل شيئًا قد شاء الله وقوعه، وهذا خطأ؛ لأنَّ ثمة فرقًا بين المشيئة الشرعية، وبين المشيئة الكونية القدرية، وتفصيل هذا يطول، فليراجع له شرح الطحاوية (٢).

والقائلون بهذا هم القدرية المعتزلة، وقد حكم العلماء عليهم بالبدعة، ولم يكفروهم.

المسألة الرابعة: وردت عن السلف أقوالٌ عديدة في الكلام على القدر ووجوب إثباته.

قال زيد بن أسلم قال: «القدَرُ قُدرة الله تعالى، فمن كذّب بالقدر فقد جحد قدرة الله تعالى»، وقال أيضًا: «ما أعلمُ قومًا أبعد من الله تعالى من قوم يخرجونه


(١) انظر: الردّ على الجهمية، للدارمي (ص: ٢١٢)
(٢) شرح الطحاوية، لابن أبي العز الحنفي (١/ ٨٠).

<<  <   >  >>