للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من مشيئته، وينكرونه من قدرته»، وقال مالك بن أنس: «ما أضل من كذب بالقدر، لو لم يكن عليهم فيه حجة، إلا قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ﴾ [التغابن، الآية (٢)] لكفى به حجة».

وقال البغوي: «القدر سرٌّ من أسرار الله لم يُطلِع عليه ملكًا مقربًا، ولا نبيًّا مرسلًا، لا يجوز الخوض فيه، والبحث عنه بطريق العقل، بل يُعتقد أنَّ الله خلق الخلق، فجعلهم فريقين: أهلُ يمينٍ خلقهم للنعيم فضلًا، وأهلُ شمالٍ خلقهم للجحيم عدلًا (١).

وقد ساق الآجري في الشريعة أقوالًا عديدة للسلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في ذم القدرية (٢).

وأما ما ورد من الأحاديث في ذمِّ القدرية، كحديث: «القدرية مجوس هذه الأمة … » ونحوها؛ فكلها ضعيفة لا تثبت عن النبيّ ، والله أعلم، وقد تكلم عنها بتفاصيلها وبيّن ضعفَها ابنُ الجوزي (٣).

المسألة الخامسة: ذكر المصنّف في أول الباب كلام ابن عمر، وقد أخرجه مسلم عن يحيى بن يعمر قال: «كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ: مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيُّ حَاجَّيْنِ -أَوْ مُعْتَمِرَيْنِ- فَقُلْنَا: لَوْ لَقِينَا أَحَدًا مَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ ، فَسَأَلْنَاهُ عَمَّا يَقُولُ هَؤُلَاءِ فِي الْقَدَرِ، فَوُفِّقَ لَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ دَاخِلًا الْمَسْجِدَ، فَاكْتَنَفْتُهُ أَنَا وَصَاحِبِي أَحَدُنَا عَنْ يَمِينِهِ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ صَاحِبِي سَيَكِلُ


(١) شرح السنة، للبغوي (١/ ١٤٤).
(٢) الشريعة، للآجري (٢/ ٨٩٥).
(٣) انظر: العلل المتناهية (١/ ١٤٧).

<<  <   >  >>