والشاهد فيه: أنَّ القرون المفضولة -وهي التي بعد القرون الثلاثة- يكون فيهم من يستخفُّ بالشهادة، والشهادة يقترن بها الحلف غالبًا.
أو يقال: بأنَّ من سِمات هؤلاء استخفافهم بأوامر الشرع، ولذا فهم يستخفون بالشهادة وبالأمانة وبالنذر، وقد يدخل في ذلك الحلف، ولذلك في حديث ابن مسعود ﵁ بعده قوله:«ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ»، فيخفُّ أمرُ اليمينِ والشهادةِ عندهم تحملًا وأداءً، لقلّة خوفهم من الله، وعدم مبالاتهم بذلك.
فإن قيل: كيف يجمع بين قوله: «يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» وبين قوله ﷺ«خَيْرُ الشُّهَدَاءِ مَنْ أَدَّى شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا؟»(١).
(١) أخرجه الترمذي (٢٢٩٧)، وابن ماجه (٢٣٦٤)، وأحمد (٥/ ١٩٣)، والبزار (٣٧٧٨)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٥٥١)، والطبراني في الكبير (٥/ ٢٣٢)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣٢٧٧).