للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لعل أقوى الأجوبة في الجمع بينهما: أن الثناء في خير الشهداء هو في حق من أُشْهِدَ، بأن لا يكتم الشهادة، وأما الذم فهو في حق من يشهد بالباطل.

قال الترمذي: «ومعنى حديث النبيّ : «خَيْرُ الشُّهَدَاءِ مَنْ أَدَّى شَهَادَتَهُ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» هو عندنا إذا أشهد الرجل على الشيء أن يؤدي شهادته، ولا يمتنع من الشهادة» (١).

وقال ابن تيمية: «قوله في هذه الأحاديث «يشهدون قبل أن يستشهدوا» قد فهم منه طائفة من العلماء أن المراد به أداءُ الشهادة بالحقّ قبل أن يطلبها المشهود له، وحملوا ذلك على ما إذا كان عالمًا؛ جمعًا بين هذا وبين قوله: «ألا أنبئكم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها».

وحملوا الثاني على أن يأتي بها المشهود له فيعرفه بها.

والصحيح أنَّ الذم في هذه الأحاديث لمن يشهد بالباطل، كما جاء في بعض ألفاظ الحديث: «ثم يفشو فيهم الكذب، حتى يشهد الرجل ولا يستشهد»، ولهذا قرن ذلك بالخيانة وبترك الوفاء بالنذر، وهذه الخصال الثلاثة هي آية المنافق» (٢).

* وقوله: «وَيَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ»: وهذا لا ينافي حديث النهي عن النذر، وأنَّه لا يأتي بخير، وإنما هو تأكيدٌ لأمره، وتحذير من التهاون به بعد إيجابه.


(١) السنن (٤/ ١٢٥).
(٢) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٢٩٦).

<<  <   >  >>