* وقوله:«وَيَظْهَرُ فِيهِمْ اَلسِّمَنُ» والسِمن إنما يذمّ منه ما كان بسبب الإكثار من المآكل والمشارب، والاشتغال بإصلاح الأبدان والغفلة عن الآخرة، فهذا هو المذموم، وأما إذا حدث السِمَنُ لا عن قصدٍ واختيارٍ، ولا عن انشغال بالمتع الدنيوية عن الآخرة فلا يذمّ.
المسألة الثالثة: ذكر في الباب قول إبراهيم النخعي ﵀: «كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار» لأن الصغير إذا تعود الإقدام على الشيء استهان به، وإذا غرس فيه منذ الصغر التحرز والاحتياط من هذا الشيء كبر عليه.
والسلف كانوا يحرصون أن يربوا أبناءهم على فضائل الأمور منذ صغرهم، فلا يتركون شيئًا مما يكره إلا أنكروه، وما يحب إلا أمروا به، وفيه تمرين الصغار على طاعة ربهم، ونهيهم عما يضرهم.
* خلاصة الباب: أنَّه لا يُحلف إلا بعظيم وهو الله، وحينها فلا ينبغي الإكثار من الحلف بالعظيم سبحانه، فإن هذا يترتب عليه أنَّه ربما كذب في يمينه فاستخف هو بالله، ولبّس على من سمع يمينه، ولو صدق فإنَّ الإكثار من الحلف ليس من فعل أهل الكمالات، ومن تأمّل حال النبيّ ﷺ وجد أنَّه لم يكن كثير الحلف، بل إن أيمانه تعدّ عدًّا، لقلّتها.