للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

من السبعين ألفًا؛ لأنَّ الحديث معللٌ بِعلّةٍ وهي: «وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ».

لكن عقّب على هذا بعض أفاضل أهل العلم بقوله: «هذا من مضائق الأمور، التي لا تكاد تحصل لأحدٍ إلّا للنبي ، فإنَّه قلّما يُرقى شخصٌ أو يُكوى إلّا ويلتفتُ المرقي والمكوي لهذا الأمر».

• أما ما يتعلق بالراقي نفسه: فإنه محسنٌ لغيره برقيته، وليس هو كالمسترقي الذي طلب من غيره والتفت قلبه لذلك، وعلى هذا فلا يخرج الراقي من السبعين ألفًا، وقد سبق التنبيهُ على شذوذ لفظة: «لا يرقون».

* وقوله: «وَلَا يَكْتَوُونَ»: أي لا يسألون غيرهم أن يكويهم، وكذا لا يكوون أنفسهم، وهذا من تمام توكلهم واستسلامهم لقضائه ﷿.

وقد ورد في الاكتواء عدةُ أحاديثَ، منها: حديثُ جابر : «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ طَبِيبًا، فَقَطَعَ مِنْهُ عِرْقًا، ثُمَّ كَوَاهُ عَلَيْهِ» (١).

وحديث جابر بن عبد الله : «إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فَفِي .. أَوْ لَذْعَةٍ مِنْ نَارٍ، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِيَ» (٢).

قال ابن القيم : «تضمنت أحاديث الكيِّ أربعةَ أنواع: فعله - عدم محبته له - الثناء على من تركه - النهي عنه، ولا تعارض فيها بحمد الله؛ فإن فعله يدل على جوازه، وعدم محبته له لا يدل على المنع منه، أما الثناءُ على تركه فيدل على أن تركَه أفضلُ وأولى، وأما النهيُ عنه فعلى سبيل الاختيار والكراهية» (٣).


(١) أخرجه مسلم (٢٢٠٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥٧٠٢)، ومسلم (٢٢٠٥).
(٣) زاد المعاد (٤/ ٦٦).

<<  <   >  >>