للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

* وقوله: «وَلَا يَتَطَيَّرُونَ»: أي لا يتشاءمون بالطيور ونحوها، وسيأتي الكلام على الطيرة في باب مستقل، وأصله من التشاؤم بالطير ولكنه أعمّ، فهو التشاؤم بالمرئيات أو المسموعات، أو الزمان أو المكان المعين، أو الطيور ونحوها، والطيرة كانت موجودة عند العرب، ويأتي بيانها في بابها.

* وقوله: «وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ»: هذا الأصلُ الجامع الذي تفرّعتْ عنه هذه الأعمال والخصال، وهو التوكلُ على الله وصدق الالتجاء إليه.

وليس معنى الحديث أن الأخذَ بالأسبابِ يُنافي التوكل، بل إنَّ الأخذ بالأسباب أمَرَ اللهُ به، وقد أمر النبيُّ بالتداوي، وقال: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً» (١)، ولذلك فالتوكّل صدق اللجأ إلى الله بدفع الضرّ وجلب النفع مع فعل السبب.

فإن قيل: فكيف نجمع بين كون الأخذ بالأسباب مطلوب، وبين: أن ترك طلب الرقية والاكتواء من التوكل، وفعلهما ينافي كمال التوكل؟

* أما الاسترقاء: فإنْ سببه خفي، فيؤدي ذلك إلى التفات القلب إلى الراقي.

* وأما التداوي: فإنَّه يختلف عنه من وجهين.

١. أنَّ التداوي سببه ظاهر، وهو الدواء المشاهَد، بخلاف الرقية.

٢. أنَّ النبيّ تداوى وأمر بالتداوي، ولو كان قادحًا في التوكّل لما أمر به .


(١) أخرجه أبو داود (٢٠١٥ - ٣٨٥٥)، والترمذي (٢١٥٩)، وأحمد (٤/ ٢٧٨)، والنسائي في الكبرى (٧٥١١ - ٧٥١٢)، وابن حبان (٦٠٦١)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <   >  >>