للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله فيما لا يقدر عليه إلّا الله (١).

ب) الشرك الأصغر: وحدّه بعض العلماء بأنه كل ما كان ذريعةً إلى الأكبرِ


(١) ومن أمثلة الشرك الأكبر وصوره:
١) شرك الدعوة -الدعاء-: قال تعالى: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦٥].
٢) شرك النية والإرادة والقصد: وذلك أن ينوي بأعماله الدنيا أو الرياء أو السمعة، إرادة كلية كأهل النفاق الخُلَّص، ولم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة، فهو مشركٌ الشرك الأكبر، قال تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٦)﴾ [هود: ١٥ - ١٦].
٣) شرك الطاعة: وهو مساواة غير الله بالله في التشريع والحكم، فالتشريع والحكم حق جعله الله لنفسه قال تعالى: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ [يُوسُف: ٤٠]، وقال سبحانه في هذا النوع من الشرك: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ﴾ [الشّورى: ٢١]، فمن ادعى أن لأحدٍ من الناس سواءً -علماء أو حكامًا أو غيرهم- حق التشريع من دون الله أو مع الله، فقد أشرك مع الله إلهًا آخر في حق الله وحده، وكفر بما أنزل من عند الله، قال تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١].
وروى ابن جرير في «تفسيره» من طريق أَبِي الْبَخْتَرِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ كَانُوا يَعْبُدُونَهُمْ؟ قَالَ: «لَا، كَانُوا إِذَا أَحَلُّوا لَهُمْ شيئًا اسْتَحَلُّوهُ، وَإِذَا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ شيئًا حَرَّمُوهُ» وقَالَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَابن عَبَّاسٍ، وَغَيْرُهُمَا فِي تَفْسيرِها: «إِنَّهُمُ اتَّبَعُوهُمْ فِيمَا حَلَّلُوا وَحَرَّمُوا».
٤) شرك المحبة: والمراد محبة العبودية المستلزمة للإجلال والتعظيم والذل والخضوع، التي لا تنبغي إلا لله وحده لا شريك له، ومتى صرف العبد هذه المحبة لغير الله فقد أشرك به الشرك الأكبر، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]، ويأتي ذكر ما يتعلق بالمحبة في بابٍ خاص.

<<  <   >  >>