ومعنى الحديث: أنَّه من مات وعنده شيء من الشرك فإنَّه يدخل النار، وقد يكون دخولًا مطلقًا، وهذا لمن كان شركه أكبر، وقد يكون دخوله مقيدًا، وهذا لمن كان شركه أصغر، وأما من مات غير مشرك، بل موحد فإنَّه يُقطَعُ له بدخول الجنة، لكن إن كان صاحبَ كبائر مُصِّرًا عليها فهو تحت المشيئة، إن شاء الله عفا عنه ودخل الجنة مباشرة، وإلا عُذِّبَ في النار ثم دخل الجنة، وإن لم يكن صاحب كبائر ولا ذنوب فإنَّه يدخلها مباشرة، وقد ورد عن أبي ذر ﵁: أن النبي ﷺ قال «مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سرقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سرقَ، ثلاثًا، وقال في الرابعة: على رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ»(١).
* ودلالة الحديثين متقاربة: فكلاهما دلّ على التخويف والتحذير من الشرك؛ لأنّ عقوبة من وقع فيه أن يدخل النار، ولو قلّ شركه؛ لأنَّه أطلق الشرك في الحديث، فيدخل فيه قليل الشرك وكثيره، وهذا يوجب الخوف منه.
* وخلاصة الباب: أنَّه يجب على الإنسان أن يكون على خوف من الوقوع في الشرك، صغيره وكبيره، وينبني على خوفه: أن يحذر من كل طرائق الشرك ووسائله، وأن يتعلم التوحيد وضده، كي يأمن من الوقوع في الشرك.