للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا كان حُبُّ الظهورِ داءً بُلي به الكثير، فإنَّ الرياء يقرب ممن أحبّ الظهور، وقد قال ابن القيم: «لَا يجْتَمع الْإِخْلَاص فِي الْقلب، ومحبة الْمَدْح وَالثنَاء والطمع فِيمَا عِنْد النَّاس، إِلَّا كَمَا يجْتَمع المَاء وَالنَّار، والضب والحوت» (١).

والرياء: هو الشرك الخفي، وإنّما صار شركًا؛ لأنَّ فيه نوع إشراك في صرف العبادة، فالمرائي مراده من فعله نظر المخلوق إليه وثناؤه ومدحه، وإنّما صار خفيًا؛ لأنَّه يخفى عن الناس، وقد ورد عند مسلم: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ» (٢).

المسألة الخامسة: ساق المصنّف في الباب حديثي ابن مسعود، وجابر ، في بيان التحذير من الشرك والتخويف منه.

فأمّا حديث ابن مسعود فهو قوله : «مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ نِدًّا، دَخَلَ النَّارَ»، والنّد: هو النظيرُ والشبيهُ والمثيل.

واتخاذ النّدِ من دون الله نوعان:

١ - شركٌ أكبر: بأن يجعل لله ندًا في أنواع العبادة، أو بعضها كالدعاء أو نحوه.

٢ - شركٌ أصغر: وهو ما يكون من نوع الشرك الأصغر، كيسير الرياء، وقول: ما شاء الله وشئت.

وأما حديث جابر ، فهو قول النبيّ : «مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَقِيَهُ يُشْرِكُ بِهِ دَخَلَ النَّارَ».


(١) الفوائد (ص: ١٤٩)، وراجع بقية كلامه في هذا الفصل، فإنه في غاية النفاسة.
(٢) أخرجه مسلم (٢٩٨٥).

<<  <   >  >>