للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

«أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ، فسئل عنه، فقال: الرِّيَاءُ».

والمصنّف أورد الحديث مختصرًا، وتمامه: «قَالَ: الرِّيَاءُ، يَقُولُ اللهُ ﷿ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إِذَا جُزِيَ النَّاسُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاءُونَ فِي الدُّنْيَا فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟»، وفي هذا الحديث حذّر النبيّ أمّته من الشرك وخافه عليهم، مع أنَّ خطابه المباشر كان للصحابة وهم أفاضل الناس، ومع هذا خاف عليهم الشرك.

وأشدُّ ما خافه عليهم : الشرك الأصغر، الذي من صوره: الرياء.

والرياءُ: هو أن يأتي بالعبادة؛ ليراه الناس، فيمدحوه على عبادته.

وإنّما اشتد خوفُ النبيّ على أصحابِه من الشرك الأصغر وهو الرياء دون الأكبر؛ لأنَّ الداعي إلى الرياء أقوى، فهو أخوف ما يخاف على الصالحين، بخلاف الداعي إلى الشرك الأكبر؛ فإنَّه ضعيفٌ في قلوب المؤمنين الكاملين، وهذا لا يعني أن يأمن الإنسانُ على نفسِه من الشرك الأكبر، فقد أخبر النبيّ أنَّه سيقع في أمته عبادة الأوثان (١)، فعلى المسلم أن يحذر من الشرك الأكبر والأصغر.

واعلم أنَّ الرياء أمره عظيم، ولا يأمن منه تمامًا إلّا الموفق، فالإخلاص عزيز، والنفس تحبّ العلو، ولا يتأتّى حجبها وترويضها إلّا بالعلم بالله والمجاهدة للنفس.


(١) أخرجه البخاري (٧١١٦)، ومسلم (٢٩٠٦) من حديث أبي هريرة، قال: قال رَسُول اللَّهِ ، قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الخَلَصَةِ» وَذُو الخَلَصَةِ: طَاغِيَةُ دَوْسٍ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ فِي الجَاهِلِيَّةِ.

<<  <   >  >>