والفَطْرُ: ابتداء الخلق على غير مثال سابق، فالذي فطرني لست ببريء منه، بل أثبت له العبادة وحده.
قال ابن عثيمين:«وإنما قال: ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ ولم يقل: «إلّا الله»؛ لفائدتين:
١. ليشير إلى سبب إفراد الله بالعبادة، لأنَّه هو الخالق الرازق وحده، فكما أنَّه تفرد بالخلق فيجب أن يفرد بالعبادة.
٢. ليشير إلى بطلان عبادتهم للأصنام؛ لأنَّها لم تخلق ولم تفطر، فلا تستحق العبادة» (١).
* ثم قال الله تعالى: ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ﴾ [الزخرف الآيات (٢٦ - ٢٧)]. وعَقِبُه هم ذريته، والكلمة: لا إله إلّا الله، فلا تزال باقيةً في ذريته، فلا تخلو الأرض من موحدٍ لله، قلّ أو كثر.
ومناسبة الآية للباب: من جهة أن هذه الآية هي تفسير لا إله إلّا الله، فالجملة الأولى منها ﴿إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ﴾ هي معنى (لا إله)، والثانية وهي ﴿إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي﴾ هي معنى (إلّا الله)، ففيها تفسير التوحيد، وفيها -أيضًا- بيان موقف المسلم من أهل الشرك، وهو أن يتبرأ منهم ومن شركهم، ومن معبوداتهم كما فعل إبراهيم.
المسألة الخامسة: ذكر المصنّف قوله تعالى: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة، الآية (٣١)]. وهذه فيها -أيضًا- تفسير للتوحيد.