للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا سؤال استنكار ونفي، والمعنى: لا تقدر على كشف الضرّ عمن دعاها، ولذا فالمشركون يمرضون ويُقتلون، ولا تقدر معبوداتهم أن تدفع عنهم ذلك.

وكذلك لو أراد الله أن يأتي بخيرٍ من غنى أو صحة وغيرها من النعم، فهل يقدر أحد من المعبودات أو أحد من الخلق أن يمنع نزول الرحمة علي؟ والجواب: لا يقدر أحدٌ، بل لو اجتمع الخلق على أن يردوا نعمةً أراد إنفاذها ما قدروا.

قال مقاتل: «فسألهم النبيّ ، فسكتوا ولم يقدروا على الإجابة».

ولذلك قال الله بعد ذلك السؤال: ﴿قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ هو كافيني فأفوض أمري إليه، وأتوكل عليه، فعليه يتوكل المتوكلون، ومتى ما صدق توكل العبد على ربه فلن يضره شيء، وفي الحديث: «وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ» (١).

فإن قيل: إن المشركين لا يعتقدون هذا في معبوداتهم، وإنّما يعتقدون أنَّها وسائط وشفعاء عند الله، وأمّا كشف الضرّ وجلبُ النفعِ فهو من الله وحده؟

* الجواب: وحتى مع هذا فلماذا لا يدعون من بيده جلبُ النفع ودفعُ الضرّ،


(١) أخرجه الترمذي (٢٥١٦)، وأحمد (١/ ٢٩٣)، والحاكم (٣/ ٥٤١ - ٥٤٢)، من طرقٍ عن ابن عباس، قال الترمذي: حسن صحيح، وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (١/ ٤٦٠): وقد روي هذا الحديثُ عن ابن عباس من طرق كثيرة، من رواية ابنه علي، ومولاه عكرمة، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وعبيد الله بن عبد الله، وعمر مولى غُفْرة، وابن أبي مليكة، وغيرهم، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٧٩٥٧).

<<  <   >  >>