قَالَ: ذكر لنا أَنَّهُمَا كَانَا رجلَيْنِ من قُرَيْش كَانَا مَعَ الْمُشْركين بِمَكَّة وَكَانَا قد تكلما بِالْإِسْلَامِ وَلم يهاجرا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فلقيهما نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهما مقبلان إِلَى مَكَّة فَقَالَ بَعضهم: إِن دماءهما وأموالهما حَلَال
وَقَالَ بَعضهم: لَا يحل ذَلِك لكم
فتشاجروا فيهمَا فَانْزِل الله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين} حَتَّى بلغ {وَلَو شَاءَ الله لسلطهم عَلَيْكُم فلقاتلوكم}
وَأخرج ابْن جرير عَن معمر بن رَاشد قَالَ: بَلغنِي أَن نَاسا من أهل مَكَّة كتبُوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنهم قد أَسْلمُوا أَو كَانَ ذَلِك مِنْهُم كذبا فلقوهم فَاخْتلف فيهم الْمُسلمُونَ فَقَالَت طَائِفَة: دِمَاءَهُمْ حَلَال
وَطَائِفَة قَالَت: دِمَاءَهُمْ حرَام
فَأنْزل اله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}
وَأخرج ابْن جرير عَن الضَّحَّاك فِي الْآيَة قَالَ: هم نَاس تخلفوا عَن نَبِي الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَقَامُوا بِمَكَّة وأعلنوا الْإِيمَان وَلم يهاجروا فَاخْتلف فيهم أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فتولاهم نَاس من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وتبرأ من ولايتهم آخَرُونَ وَقَالُوا: تخلفوا عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلم يهاجروا فسماهم الله منافقين وبرأ الْمُؤمنِينَ من ولايتهم وَأمرهمْ أَن لَا يتولوهم حَتَّى يهاجروا
وَأخرج ابْن جرير عَن السّديّ قَالَ: كَانَ نَاس من الْمُنَافِقين أَرَادوا أَن يخرجُوا من الْمَدِينَة فَقَالُوا للْمُؤْمِنين: إِنَّا قد أَصَابَنَا أوجاع فِي الْمَدِينَة واتخمناها فَلَعَلَّنَا أَن نخرج إِلَى الظّهْر حَتَّى نتماثل ثمَّ نرْجِع فَإنَّا كُنَّا أَصْحَاب بَريَّة
فَانْطَلقُوا وَاخْتلف فيهم أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَت طَائِفَة: أَعدَاء الله مُنَافِقُونَ وَدِدْنَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أذن لنا فقاتلناهم
وَقَالَت طَائِفَة: لَا بل إِخْوَاننَا تخمتهم الْمَدِينَة فاتخموها فَخَرجُوا إِلَى الظّهْر يتنزهون فَإِذا برئوا رجعُوا
فَأنْزل الله فِي ذَلِك {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن أبي حَاتِم عَن عِكْرِمَة فِي الْآيَة قَالَ: أَخذ نَاس من الْمُسلمين أَمْوَالًا من الْمُشْركين فَانْطَلقُوا بهَا تجارًا إِلَى الْيَمَامَة فَاخْتلف الْمُسلمُونَ فيهم فَقَالَت طَائِفَة: لَو لَقِينَاهُمْ قتلناهم وأخذنا مَا فِي أَيْديهم
وَقَالَ بَعضهم: لَا يصلح لكم ذَلِك إخْوَانكُمْ انْطَلقُوا تجارًا
فَنزلت هَذِه الْآيَة {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}
وَأخرج ابْن جرير من طَرِيق ابْن وهب عَن ابْن زيد فِي قَوْله {فَمَا لكم فِي الْمُنَافِقين فئتين}