للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَانْطَلق الْفَتى وَحفظ وَصِيَّة والدته وَسَار فِي الْبَريَّة يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثًا حَتَّى إِذا كَانَ صَبِيحَة ذَلِك الْيَوْم انْصَرف فصاح بهَا فَقَالَ: بإله إِبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل واسحق وَيَعْقُوب إِلَّا مَا أتيتني فَأَقْبَلت الْبَقَرَة عَلَيْهِ وَتركت الرَّعْي فَقَامَتْ بَين يَدي الْفَتى فَأخذ بعنقها فتكلمت الْبَقَرَة وَقَالَت: يَا أَيهَا الْفَتى الْبر بوالدته اركبني فَإِنَّهُ أَهْون عَلَيْك

قَالَ الْفَتى: لم تَأْمُرنِي والدتي أَن أركب عَلَيْك وَلكنهَا أَمرتنِي أَن أسوقك سوقاً فَأحب أَن أبلغ قَوْلهَا

فَقَالَت: بإله إِسْرَائِيل لَو ركبتني مَا كنت لتقدر عَليّ فَانْطَلق يَا أَيهَا الْفَتى الْبر بوالدته لَو أَنَّك أمرت هَذَا الْجَبَل أَن ينقلع لَك من أَصله لانقلع لبرك بوالدتك ولطاعتك إلهك

فَانْطَلق حَتَّى إِذا كَانَ من مسيرَة يَوْم من منزله استقبله عدوّ الله إِبْلِيس فتمثل لَهُ على صُورَة رَاع من رُعَاة الْبَقر فَقَالَ: يَا أَيهَا الْفَتى من أَيْن جِئْت بِهَذِهِ الْبَقَرَة أَلا تركبها فَإِنِّي أَرَاك قد أعييت أَظُنك لَا تملك من الدُّنْيَا مَالا غير هَذِه الْبَقَرَة فَإِنِّي أُعْطِيك الْأجر ينفعك وَلَا يَضرهَا فَإِنِّي رجل من رُعَاة الْبَقر اشْتقت إِلَى أَهلِي فَأخذت ثوراً من ثيراني فَحملت عَلَيْهِ طَعَامي وزادي حَتَّى غذا بلغت شطر الطَّرِيق أَخَذَنِي وجع بَطْني فَذَهَبت لأقضي حَاجَتي فَعدا وسط الْجَبَل وَتَرَكَنِي وَأَنا أطلبه وَلست أقدر عَلَيْهِ فَأَنا أخْشَى على نَفسِي الْهَلَاك وَلَيْسَ معي زَاد وَلَا مَاء فَإِن رَأَيْت أَن تحملنِي على بقرتك فتبلغني مرَاعِي وتنجيني من الْمَوْت وَأُعْطِيك أجرهَا بقرتين

قَالَ الْفَتى: إِن بني آدم لَيْسَ بِالَّذِي يقتلهُمْ الْيَقِين وتهلكهم أنفسهم فَلَو علم الله مِنْك الْيَقِين لبلغك بِغَيْر زَاد وَلَا مَاء وَلست بِرَاكِب أمرا لم أومر بِهِ إِنَّمَا أَنا عبد مَأْمُور وَلَو علم سَيِّدي أَنِّي عصيته فِي هَذِه الْبَقَرَة لأهلكني وعاقبني عُقُوبَة شَدِيدَة وَمَا أَنا بمؤثر هَوَاك على هوى سَيِّدي فَانْطَلق يَا أَيهَا الرجل بِسَلام فَقَالَ لَهُ إِبْلِيس: أُعْطِيك بِكُل خطْوَة تخطوها إِلَى منزلي درهما فَذَلِك مَال عَظِيم وتفدي نَفسِي من الْمَوْت فِي هَذِه الْبَقَرَة

قَالَ الْفَتى: إِن سَيِّدي لَهُ ذهب الأَرْض وفضتها فَإِن أَعْطَيْتنِي شَيْئا مِنْهَا علم أَنه من مَاله وَلَكِن أَعْطِنِي من ذهب السَّمَاء وفضتها فَأَقُول أَنه لَيْسَ هَذَا من مَالك فَقَالَ إِبْلِيس: وَهل فِي السَّمَاء ذهب وَفِضة أَو هِيَ يقدر أحد على هَذَا قَالَ الْفَتى: أَو هَل يَسْتَطِيع العَبْد بِمَا لم يَأْمر بِهِ سَيّده كَمَا لَا تَسْتَطِيع أَنْت ذهب السَّمَاء وفضتها

قَالَ لَهُ إِبْلِيس: أَرَاك أعجز العبيد فِي أَمرك

قَالَ لَهُ الْفَتى: إِن الْعَاجِز من

<<  <  ج: ص:  >  >>