للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا وَشرب الْخمر فَجعلُوا يدعونَ عَلَيْهِم وَلَا يعذرونهم

فَقيل لَهُم: إِنَّهُم فِي غيب فَلم يعذروهم فَقيل لَهُم: اخْتَارُوا مِنْكُم ملكَيْنِ آمرهما بأَمْري وأنهاهما عَن معصيتي

فَاخْتَارُوا هاروت وماروت فأهبطا إِلَى الأَرْض وَجعل بهما شهوات بني إِسْرَائِيل وأمرا أَن يعبدا الله وَلَا يشركا بِهِ شَيْئا ونهيا عَن قتل النَّفس الْحَرَام وَأكل المَال الْحَرَام وَالسَّرِقَة وَالزِّنَا وَشرب الْخمر فلبثا على ذَلِك فِي الأَرْض زَمَانا يحكمان بَين النَّاس بِالْحَقِّ وَذَلِكَ فِي زمَان إِدْرِيس

وَفِي ذَلِك الزَّمَان امْرَأَة حسنها فِي سَائِر النَّاس كحسن الزهرة فِي سَائِر الْكَوَاكِب وَإِنَّهَا أَبَت عَلَيْهِمَا فخضعا لَهَا بالْقَوْل وأراداها على نَفسهَا وَإِنَّهَا أَبَت إِلَّا أَن يَكُونَا على أمرهَا ودينها وإنهما سألاها عَن دينهَا الَّذِي هِيَ عَلَيْهِ فأخرجت لَهما صنماً فَقَالَت: هَذَا أعبده

فَقَالَا: لَا حَاجَة لنا فِي عبَادَة هَذَا فذهبا فصبرا مَا شَاءَ الله ثمَّ أَتَيَا عَلَيْهَا فخضعا لَهَا مَا شَاءَ الله بالْقَوْل وأراداها على نَفسهَا فَقَالَت: لَا إِلَّا أَن تَكُونَا على مَا أَنا عَلَيْهِ

فَقَالَا: لَا حَاجَة لنا فِي عبَادَة هَذَا

فَلَمَّا رَأَتْ أَنَّهُمَا قد أَبَيَا أَن يعبدا الصَّنَم قَالَت لَهما: اختارا إِحْدَى الْخلال الثَّلَاث

إِمَّا أَن تعبدا الصَّنَم أَو تقتلا النَّفس أَو تشربا الْخمر فَقَالَا: كل هَذَا لَا يَنْبَغِي وأهون الثَّلَاثَة شرب الْخمر

وسقتهما الْخمر حَتَّى إِذا أخذت الْخمْرَة فيهمَا وَقعا بهَا فَمر إِنْسَان وهما فِي ذَلِك فخشيا أَن يفشي عَلَيْهِمَا فقتلاه

فَلَمَّا أَن ذهب عَنْهُمَا السكر عرفا مَا قد وَقعا فِيهِ من الْخَطِيئَة وأرادا أَن يصعدا إِلَى السَّمَاء فَلم يستطيعا وكشف الغطاء فِيمَا بَينهمَا وَبَين أهل السَّمَاء فَنَظَرت الْمَلَائِكَة إِلَى مَا قد وَقعا فِيهِ من الذُّنُوب وَعرفُوا أَنه من كَانَ فِي غيب فَهُوَ أقل خشيَة فَجعلُوا بعد ذَلِك يَسْتَغْفِرُونَ لمن فِي الأَرْض فَلَمَّا وَقعا فِيمَا وَقعا فِيهِ من الْخَطِيئَة قيل لَهما: اختارا عَذَاب الدُّنْيَا أَو عَذَاب اللآخرة فَقَالَا: أما عَذَاب الدُّنْيَا فَيَنْقَطِع وَيذْهب وَأما عَذَاب الْآخِرَة فَلَا انْقِطَاع لَهُ فاختارا عَذَاب الْآخِرَة فَجعلَا بِبَابِل فهما يعذبان

وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِن هاروت وماروت أهبطا إِلَى الأَرْض فَإِذا أتاهما الْآتِي يُرِيد السحر نهياه أَشد النَّهْي وَقَالا لَهُ: إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر

وَذَلِكَ أَنَّهُمَا علما الْخَيْر وَالشَّر وَالْكفْر والإِيمان فعرفا أَن السحر من الْكفْر فَإِذا أَبى عَلَيْهِمَا أمراه أَن يَأْتِي مَكَان كَذَا وَكَذَا فَإِذا أَتَاهُ عاين الشَّيْطَان فَعلمه فَإِن تعلمه خرج مِنْهُ النُّور فَينْظر إِلَيْهِ ساطعاً فِي السَّمَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>